الجمعة، 7 ديسمبر 2012

شجرة التفاح



شجرة التفاح



في زمن آخر و في جنة من جنان الأرض ... وما الجنة ؟ إلا زوجين وسكن ..!سكن للأبدان و للأنفس ، ف كانت هي وهو وبيت ٌيظللهما وجنينة .. فيها أزهار وتفاحة بل شجرة تفاح ... ما أجملها ! هكذا تتمتم جارتهم وهي تعتب باب الجنينة لتدخل للزيارة ..ترمق وجه جارتها الغضة الصبوح ..كم يحب جارهم زوجه الحسناء هذه .. التي يقترب لون خديها من لون تفاحات شجرة التفاح ..جوٌ جميل ، تجلب صاحبة الدار الشاي ، يبدأن الهمس فـ الثرثرة من ثم يعلو صوتيهما ليختلط بصوت طفلي الجارة الراكضين بالقرب ، فجأة تهمس الجارة للبيبة : هل تعرفين أين يخبئ زوجك أمواله ؟ بإستغراب وإستنكار ترد لبيبة .. أنهما لا يملكا الكثير من المال بل حتى إنهما يشكوان ضيق ذات اليد .. ترفع الجارة حاجبيها وتبدو عليها أمارات تعجب... كيف ؟ وهو يأخذ سلال الفواكه كل يوم ليبيعها في السوق ... تسكت لبيبة قليلا وهي تفكر ثم تجيبها : إنه يقول إنه لا يأتينا بالمال الكثير ....عند الظهر    لبيبة مضطربة ولا تشعر إنها بخير .. هل صحيح إن ثمار التفاح تدر عليهم الرزق الوفير؟ لماذا يخبئ عنها المال إذاً؟ لأي غرض؟ ، تساؤلات في ذهنها ، زوجها طيب ، لكنه كتوم ، هل من الممكن أن يكون قد خبئ شيئ عنها ؟
كأن جارتها تعلم شيئاً وتكتمه عنها؟ بجهد ليس باليسير تطرد تلك الافكار عند عودة زوجها لكنها ما تزال شاردة
يسألها عن الأمر طيلة المساء تجيبه أن لا شيء وتتكئ ل تنام باكراً ...لم تبخل الشمس عن إرسال أشعتها الذهبية كما هي عادتها كل صباح في اليوم التالي لتهلل العصافير فرحاً ولتغرد الطيور سعادة ولتتمايل أزهار الربيع الوردية والحمراء ذات الجمال المنقطع النظير
وهذا الصباح أيضاً تأتيها جارتها وهذه المرة بأخبار .. زوجك يقدم لفتاة يحبها سلة من الفواكه كل يوم !!كأن بجوفها يحترق ، تبتلع صرخة وتكتم أنيناً ، هذا فقط ما كانت تخشاه !!تعرف أنه يتوق لطفل يناديه أبي لم تستطع هي أنجابه له
ترتبك تتردد تحتار
ـ جارتي أرجوك اغيثيني دليني أي شيء أفعل
ـ أنت تعرفين كم هو صعب ثني رجل عازم على الزواج
ـ لكن سأخبرك هيا انصتي
ـ أرجوك لا بد أن لك حيلة ـ سأخبرك لا ادري إن كنت شجاعة لتفعلي
ـ بلى فقط اخبريني
ـ اقطعي شجرة التفاح ..!!شجرة التفاح ..!! شجرة التفاح التي كانت تظلل بيتهما ، شجرة التفاح السخية الكريمة !! كيف تجثث جذورها من الأرض ؟؟
نظرت إليها شجرة التفاح وتمايلت بتفاحاتها المحمرة التي يداعبها النسيم كأنما تقول لها
هناك أنثى أكثر جمالاً منكِ ...ـ آآه هل هي أجمل مني هل هي من تتربع في قلبه الآن وحدها أم على جل قلبه
بدا وجهها الأيام التالية شاحباً ، تعاف الطعام
يسألها: ما بها
تجيبه :إنها الشجرة !!ـ الشجرة ما بها الشجرة ؟
ـ الشجرة بها عفريت وحده يمنعنا من الإنجاب !!لأيام عديدة يعصف بالزوج شجن يفكر في طريقة ما تمكنه من عدم قطع الشجرة
وإبعاد العفريت .. لكن حال زوجته يسوء .. بطنها تؤلمها وهي عصبية المزاج بل مريضة ..ما تزال جارتهم تزورهم كثيراً تهمس في أذنيها كلام ترحل وعلى شفتيها ملامح ضحكة ساخرة سعيدة وما تزال الزوجة تصر
ـ أما من سبيل آخر ؟ يتساءل ..تعرف أن في قلبه حسرة لأنه لم يرزق بالولد
ربما تتغير الأحوال ويرزقهما الله من عنده ، تنادي يا رب .. لكنها لا يمكن أن تقبل بضرة كم كان الزوج المسكين يحب زوجته ، أكثر حتى من مصدر رزقه ، هل يتجرأ ويقطع الشجرة !!للمرة الأولى يحمل فأسه ويتجه صوبها ،ف العفاريت تؤدي زوجته الحبيبة كثيراً في الفترة الأخيرة
زوجته مريضة جداً ،وما عرف الطبيب سبباً للعلة
سيقطعها ، سيشتغل في عمل آخر ربما يزرع شجرة أخرى بعد أن يجثث جذور الشجرة ويطرد كل العفاريت والأشباح ..ها هو يرفع فأسه ويضرب الشجرة ...تتساقط الثمار تتمايل الشجرة بضربات ساعده القوية .. تترنح من ثم تسقط
فرحتها كبيرة ، كأنها بدأت التحسن على الفور ، قضيا ليلة جميلة معاً
لكنها عادت تتألم اليوم التالي ..هل هي فعلاً الأشباح ؟؟ ألم يقطعا الشجرة ؟؟ اضطر الفلاح الطيب أن يحفر في عمق الأرض بحثاً عن أي جذور للشجرة ..!بعد أيام عديدة إذ لم يتحسن حال الزوجة استدعيا طبيبة نساء القرية ، حين كشفت علىيها هللت بالزغاريد ..ازدادت دهشة الجميع حين أعلنت حمل الزوجة لأكثر من ثلاثة شهور .كان الخبر سعيداً كئيباً رهيباً ... هل كانت الزوجة حاملاً طيلة المدة ؟ ما قصة العفاريت إذن ؟
الخبر السعيد لم يردع الزوج من صب جام غضبه على الزوجة في عصف ثورة لم يهدأ منها إلا لأنه يقين بالحخبر السعيد
بعد أشهر تنجب الزوجة توأماً جميل ...ها هما يلعبان أمام الدار ليشعا فيها السعادة .. سعادة لا يشوبها شيء إلا ضيق ذات اليد
فيبدو أن عفاريت شجرة التفاح التي تؤمن زوجته بوجودها تُفْشل كل المحاولات لإنبات أي شجرة أخرى
ها إن ولديه يمرحان في ساحة الدار وهو يجلس تحت قيظ الشمس
ف المكان خالٍ إلا من ذكرى .. كانت هناك شجرة ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق